/ الفَائِدَةُ : (144) /

20/07/2025



بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على محمد واله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين. / بَلاغَةُ أَدعية أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَمْرٌ إِعْجَازَيٌّ خارج عن مُكْنَة المخلوقات / إِنَّ في أَدعية أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ زوايا بلاغيَّة إِعجازيَّة عديدة وكثيرة جِدّاً ، منها : أَنَّها بَدْءاً واِنتهاءً مترابطة في منظومة معاني مُتَّسِقَة يتلو بعضها الآخر اِتِّسَاقاً بنيويّاً ثبوتيّاً واقعيّاً كبيراً ، وافاضة تتهذَّل وتُشافع معانيه بانسيابٍ بديع جِدّاً . هذه أَحد معاجز أَدعية أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ . إِذَنْ : سبك أَدعية أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ بنوداً وجُملاً سبكٌ إِعجازيٌّ من حيث نسق المعنىٰ ، ومن حيث سبك الأَلفاظ ومُطاوعتها وتبعيَّتها إِلى نسق المعنىٰ . وَأَحَد ظواهر الإِعجاز في كلام الوحي عموماً ـ القرآن الكريم وتراث أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ـ : كون النُّظم الموجود في المعنىٰ لا تَكَلُّف فيه ولا نظر فيه إِلى اللفظ ، بل اللفظ فيه يكون ظلاً وتبعيّاً للمعنىٰ ، وفي حينٍ يكون اللفظ فيه ظلاً وتبعيّاً للمعنىٰ يكون اللفظ فيه أَيضاً في أَوَجَه ، وهنا تكمن الصعوبة ويكمن الإِعجاز . بخلاف كلام البشر ؛ فإِنَّ بُلغائهم إِذا أَرادوا الإِتيان بمقطوعة بلاغيَّة تراهم يُنمِّقون أَلفاظها ويُدبجونها ويُرونقونها ، لكن تضيع عليهم المعاني فتتمجمج لديهم ـ المعاني ـ ، ثُمَّ يُكرِّرونها فتهبط لديهم ـ المعاني ـ وتصعد ، بل قد يختل لديهم نظمها . أَمَّا في كلام الوحي فإِنَّها تتصاعد أَوجاً ورفعةً وهيمنةً وسعةً وخطورةً من دون الِالتفات إِلى الأَلفاظ ، بل الأَلفاظ تصعد وتعرج وترتقي تبعاً لصعود وعروج ورُقِيِّ المعاني من دون أَنْ تتخلَّف جماليَّة الأَلفاظ عن الجمال الأَعظم للمعاني . هذا هو الإِعجاز الَّذي يتحدَّىٰ به الوحي كلام أَيّ عَالمٍ ، وَأَيّ فقيهٍ ، وَأَيّ مُفسِّرٍ ، وَأَيّ فیلسوفٍ ، وأَيّ مُتكلِّمٍ ، وَأَيّ أَديبٍ ، فإِنَّه ليس بقدرة ومُكْنَة مخلوق قَطُّ الجمع بتصاعد وتوازي مُستمر لهذين الجناحي ، فلا تتخطَّىٰ المعاني الَّتي يأتي بها البشر حدود قدرة البشر ومُكْنَته إِلَّا أَنْ يقتبسها من بيانات الوحي . وعلىٰ هذا قس الأَلفاظ ؛ فإِنَّها لا تصعد كثيراً إِلَّا أَن تُقتبس من بيانات الوحي أَيضاً . وهذا بخلاف كلام الوحي ، فإِنّه أَوَّلاً يحصل فيه صعوداً للمعاني لا حدود ولا نهاية له ، وثانياً يحصل فيه صعوداً أَيضاً للأَلفاظ لا حدود ولانهاية له ، مع تناسق وجماليَّة بين الأَلفاظ والمعاني لا حدود ولا نهاية له أَيضاً ، وجماليَّة بين الأَلفاظ بمفرداتها وتراكيبها وسبكها مع جماليَّة بين المعاني بمفرداتها وتراكيبها وسبكها لا حدود ولا نهاية لها أَيضاً . وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ الأَطْهَارِ